الأحلام الحلم - في المعجم الموسوعي في علم النفس
(الطبعة الأولى, 2001 ، المجلد الثاني 2 / الصفحات 977 - 981)
F: Rêve
En: Dream
D: Traum
(الاشتقاق : الكلمة الفرنسية Rêve مشتقّة من اللاتيني الشعبي exvagus ، من vagus، "تائه"، "متسكّع"، أو من الفرنسي القديم desver، "يفقد الاتجاه". فكلمة rêve تشدّد على عدم التكيّف مع الواقعي . في حين أن المقابلين، الألماني Traum والانجليزي Dream، المشتقّين من الجرماني القديم Draugma، "صورة خادعة"، يلحّان بالحري على أهمية "الصورة البصرية").
الحلم سلسلة من الصور والظاهرات النفسية التي تحدث أثناء النوم .
منذ أن أوضح أزورنسكي (1953) فاعلية حلمية خلال "الطور المفارق" للنوم، لم يعد يمكننا أن ننظر إلى الحلم من وجهة النظر السيكولوجية والتحليلية النفسية ، ذلك أن البحث السيكوفيسيولوجي غزا هذا المجال، إذ طرح مشكلات صعبة وجديدة.
ويمكننا القول، مع أرسطو وفرويد، إن الحلم هو فاعلية النائم النفسية، ولكن بوسعنا، مع فرويد، أن نميّز ثلاثة ضروب من الأحلام: الأحلام المفهومة، التي تذكّرنا بدقة بحياتنا النفسية خلال حالة اليقظة؛ الأحلام ذات المعنى الواضح، ولكنها التي تُدهشنا بالأفكار والعواطف التي تعبّر عنها؛ وأخيراً، الأحلام التي تتوافق مع التصوّر المألوف للحلم بغرابتها، وعدم تماسكها، بل بعبثيتها، وهذا الضرب من الأحلام الأخيرة هو الأكثر تواتراً.
1- وجهة نظر التحليل النفسي
بسط فرويد نظريته في الحلم في كتابه الكلاسيكي "تفسير الأحلام" الذي ظهر عام 1900 .. وتمثّل هذه النظرية دائماً وجهة نظر التحليل النفسي. فالأحلام لا يمكنها أن تُفسَّر تفسيراً آلياً بواسطة بعض "مفاتيح الأحلام". ومعناها لا يمكنه أن يوجد إلا بمقارنة سرد الأحلام مع ارتباطات الأفكار التي يدلي بها الفرد فيما يتعلّق بها. ونميّز في الحلم، بهذه الطريقة، محتوى ظاهراً (قصة الحلم) ومحتوى كامناً (الأفكار التي تعبّر عنها الارتباطات). وتتعدّل الحياة النفسية، جرّاء النوم، أي أن بعض السيرورات الذهنية تتّخذ عندئذ أهمية كبيرة ويكتسب الحلم بالتالي سماته الكلاسيكية من الغرابة واللامنطقية. فالعمل الأول للحلم يكمن في أن يحوّل أفكار النائم إلى مشهد صاخب قليلاً أو كثيراً. وهذه هي نتيجة سيرورتي التجسيم والتمثيل. وثمة سيرورتان أخريان عاملتان في الحلم: التكثيف والانزياح. ويفضي التكثيف، على سبيل المثال، إلى تركيب شخصية من شخصيات الحلم انطلاقاً من عناصر مستعادة من عدة أشخاص يعرفهم النائم. والفكرة الكامنة من الحلم يمكنها، على العكس، أن تكون موجودة في عدة تفصيلات مختلفة. ويعكّر الانزياح وضوح السبل كثيراً، ذلك أن بوسعه أن يعكس العواطف، ويُحلّ الكره محلّ الحب أو يجعل الهامّ ملحقاً؛ ويمكنه أيضاً أن ينسب إلى شخص عواطف شخص آخر. وينزع التكثيف والانزياح على هذا النحو، إلى تعطيل محاولات التفسير.
ويُبنى الحلم انطلاقاً من موادّ مختلفة: ذكريات الطفولة، ذكريات الأنهر السابقة (بقايا نهارية)، والإثارات التي يدركها النائم أحياناً خلال نومه، وهذه الإثارات موجودة على نحو أكثر ندرة. ولكن العنصر الخلّاق والمحرّك في الحلم هو الرغبة اللاشعورية، وهي في الأغلب رغبة طفلية مكبوتة. وكان فرويد قد حدّد مفهوم الرغبة هذا، الأساسي في التحليل النفسي، بأنه، فيما يخصّ الحلم، ضرب من حركة الفكر التي تدفعه إلى أن يعيد إنتاج تجربة إشباع. وتحدث إعادة الإنتاج هذه، في الحلم، بواسطة الدرب الهلوسي. والرغبات غير المشبعة يمكنها، عندما يكون عمل الحلم ناجعاً، أن تحدث دون أن تسبّب الاستيقاظ، ومن هنا منشأ صيغة فرويد الشهيرة: (الحلم حارس النوم).
وخلاصة القول أن الحلم، بالنسبة للتحليل النفسي، إنجاز رغبة لاشعورية، من طبيعة جنسية على الأغلب، تقترن بالرغة في النوم.
2- علم النفس الفسيولوجي للحلم
أوضح أزورنسكي عام 1953، خلال النوم، أطوار حركات عينية سريعة كانت ذكرى حلم في أثنائها ترافق اليقظة المثارة. وكان هذا الاكتشاف نقطة انطلاق لمجموعة من البحوث الخصبة حيث اشتُهر بها وليم ك. دومان، في الولايات المتّحدة وميشال جوفه في فرنسة. ومنذ ذلك الزمن، ثمة قبول أن النوم، بحصر المعنى، تتخلّله "أطوار مفارقة" ترافقها حركات عينية سريعة. وهذه الأطوار تثير الاهتمام على وجه الخصوص لأن الأحلام فيها متواترة أكثر بكثير مما هي عليه في أثناء "النوم البطيء" (المسمى على هذا النحو بالرجوع إلى رسم مخطّط الدماغ الكهربائي المقابل لهذا الطور من النوم). والمشكل الذي يطرح نفسه منذئذ يكمن في أن نعرف ما إذا كانت الفاعلية النفسية في هذا الطور المفارق متميّزة من فاعلية النوم البطيء، ما دامت التباينات الفيسيولوجية بين هاتين الحالتين كبيرة. والواقع أن الأطوار المفارقة تقابل حالة تختلف معاً عن اليقظة والنوم. ويشبه رسم التخطيط الدماغي الكهربائي خلال هذه الأطوار رسم اليقظة، ولكن الفرد لا يدرك الإثارات عادة، الواردة من العالم الخارجي، وحظربة العضلات لا وجود لها. وعلى العكس، كل الدماغ، خلال الأطوار المفارقة، في حالة من الإثارة القصوى، في حين أن العضلات الصغيرة في العينين، وأصابع اليدين والقدمين، تتقلّص تقلّصاً مختصراً كما لو أنها كانت تشهد على مشاركة الفرد في مشهد حلمه. وأخيراً، ثمة حادث طريق يذكّر بنظرية فرويد مفاده أن الأعضاء الجنسية، هي أيضاً، في حالة إثارة خلال هذه الأطوار. ولْبنيّن أن جوفه كان قد أوضح البنيات التشريحية اولعصبية الكيميائية المسؤولة عن هذه الحالة.
ونقول على وجه الإجمال إن كل موجود إنساني يقضي خلال يومه ست عشرة ساعة في حالة اليقظة، ست ساعات في حالة النوم وساعتين في حالة مفارقة تكون لديه في أثنائها فاعلية حلمية غنيّة على نحو خاصّ.
وإذا كان تمييز اليقظة فيسولوجياً أمراً يسيراً، فإن تمييز الفاعليات النفسية ذات العلاقة بهذه الحالات الثلاث أمر أكثر حرجاً. وحالة اليقظة تُعرف بسهولة من وجهة النظر السيكولوجية، على الرغم من أن حالة عدم الانتباه تقرّبها من النوم وأحلام الحالة المفارقة.
إن شروط الملاحظة هي التي تجعل التمييز بين الفاعلية النفسية في النوم البطيء والفاعلية النفسية في النوم المفارق (المسمّى "النوم السريع" أيضاً)، أمراً عسيراً. والواقع أن من الضروري إيقاظ الفرد في الحالين لمعرفة ما كان موجوداً في ذهنه في حين كانت عيناه مغلقتين. وهكذا سيظلّ الحلم المعيش إلى الأبد مجهولاً خلال الفترة التي يحدث فيها. ولن نعرف أبداً إذا حلماً مرويّاً من الذاكرة. وبوسعنا مع ذلك، في حالة واحدة، أن يكون لدينا فكرة مباشرة لحياة الحالم النفسية: إنها حالة المتكلّم خلال النوم. ومن الممكن أن نقارن لدى هؤلاء الأشخاص بين كلامهم وقصة الحلم الذي يمكنهم أن يحلموا به مقارنة بعد الاستيقاظ. ونلاحظ في هذه الحالة ضرباً من التوافق.
فإذا أطلقنا على الحلم تعريفاً ضيّقاً (إدراكٌ هلوسي مشاهد غريبة وعبثية)، فإن بإمكاننا القول إن الحلم يحدث بالحري خلال الطور المفارق. وإذا أطلقنا بالعكس عليه تعريفاً واسعاً (فاعلية الحالم النفسية)، فإن بوسعنا أن نقول إن الحلم يحدث في أية لحظة من لحظات النوم.
3- الحلم والكابوس
هذان الضربان من الفاعلية النفسية الليلية يستحقّان تمييزاً بينهما، وعلى وجه أخصّ بين حلم الحصر والكابوس. ولّنوضّح بهذه المناسبة أن فرويد لم يتكلّم على كابوس في كتابه، ولكن على حلم حصر فقط (والترجمة الفرنسية خاطئة بهذا الصدد).
إن حلم الحصر، الذي يحدث على وجه الخصوص في الطور المفارق، يسبّب استيقاظاً غير مستساغ، لا أكثر، وليس الأمر على هذا النحو بالنسبة للكابوس الذي كان فيشر قد درسه. وينبغي أن يكون اسم كابوس وقفاً على فاعلية نفسية تسبّب الحصر، إذ تثير ضرباً من تسارع ضربات القلب (تسارع تواتر ضربات القلب إلى أكثر من 120 ضربة في الدقيقة) وتثير على وجه الخصوص استيقاظاً عنيفاً في حالة خاصة جداً. والواقع أن الفرد الذي يوقظه كابوس يصرخ، يطلب النجدة، ويسقظ من سريره أحياناً؛ إنه، على وجه الخصوص، مصاب بالهلوسة، دائماً مشوّش وفاقد التوجّه. وتدوم هذه الحالة من الذهان الحاد، والجنون العارض، بعض الدقائق في الحدّ الأقصى، يمكن أن يقصّ الفرد في نهايتها أحياناً قصة كابوسه. والمقصود على وجه العموم مشهد مأساوي من العدوان أو الحادث يمكنه أن يرتبط في بعض الأحيان بذكرى حادث معيش. ويمكننا، لدى الطفل، أن نلاحظ مثيل الكابوس بصورة ضروب من الرعب الليلي التي تحدث في بداية الليل. ويتميّز الكابوس، من جهة أخرى، أنه لا يحدث أبداً خلال الطور المفارق وإنما خلال النوم الأعمق، النوم بالمعنى الضيّق للكلمة (المرحلة الرابعة). ولْنلاحظ بهذه المناسبة أن في هذه المرحلة إنما تنطلق مظاهر ليلية كالسرعة وسلسل البول.
ومن المناسب، لننهي حديثنا، أن نقول كلمة عن وظيفة الحلم (بالمعنى الواسع). فهذه الفاعلية النفسية الليلية تتيح تفريغ شحنة التوترات السيكولوجية، وتنبيه الجملة العصبية في أثناء النوم، وإحلال الفكر محلّ العمل، وإقامة رابطة بين المستويات المتنوّعة لحياتنا النفسية (الشعور واللاشعور). ويمثّل الكابوس إذن، في هذا المنظور، قصوراً خطيراً في الوظيفة الحلمية. فالأفضل، لهذا السبب، أن نميّزه من الحلم. ومزية البحوث المعاصرة، التي لم تفض بعدُ إلى نتائج حاسمة، تكمن في أنها جعلت الحلم موضع تقييم جديد، كانت حضارتنا التقنية تبدو أنها تنكر كل قيمة له، في حين يبدو جيداً أنه يؤدّي دوراً في صيانة توازننا الذهني. (انظر في هذا المعجم: التنشيط، الكابوس، الشعور، تخيّلات النعاس، النوم).