
هل تقع وهل تصدق رؤيا غير المسلم ؟
ذكر السدي عن ابن عباس وعن ابن مسعود قصة فرعون الشهيره و التي فيها قتل وإبادة أطفال بني اسرائيل , فهل تعلمون أن كل تلك المجازر وكل ذلك القتل وكل ذلك القهر وذلك الخوف وذلك الألم وذلك التعذيب وتلك الدماء كانت بسبب رؤيا رآها فرعون وصدقت الرؤيا وصدق التعبير بأن زال ملكه على يد ذلك الطفل من أولئك القوم الذين قتل أبناءهم (وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ أُمِّ مُوسَىٰ أَنْ أَرْضِعِيهِ ۖ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي ۖ إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ )

لننتقل إلى عصر آخر وقصة آخرى إنها قصة يوسف الصديق في القرآن وفي سورة يوسف *عبر الرؤيا للملك فوقعت الرؤيا ووقع التعبير (وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَىٰ سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ ۖ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِن كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ)
فأتى التعبير الصادق من يوسف الصديق قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِّمَّا تَأْكُلُونَ (47) ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَٰلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِّمَّا تُحْصِنُونَ (48) ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَٰلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ (49)
فهل ثبت أن الملك مؤمن ؟

ومن خطاب يوسف للسجناء وطريقة حواره لهم و دعوته إياهمبنص القرآن يتبين أنهم لم يكونوا مؤمنين * يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (39) مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ ۚ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ ۚ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ
ومع ذلك صدقت الرؤيا وصدق التعبير يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا ۖ وَأَمَّا الْآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِن رَّأْسِهِ ۚ قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ

وهذه القصة رواها محمد بن سعد في الطبقات ورواها الطبراني في الكبير
في معركة خيبر النبي صلى الله عليه وسلم اصطفى صفيه لنفسه عليه الصلاة والسلام فرأى في وجهها أثراً من خضرة أي- أثر ظربه في الوجه– فسألها عليه الصلاة والسلام عن والسلام عن ذلك فقال رضي الله عنها رأيت فيما يرى النائم أن قمراً منيراً أتى من يثرب فوقع حجري فذكرت ذلك لزوجي كنانه فقال: أتريدين أن تكوني تحت ذلك الملك الذي يأتي من المدينه فضربها في وجهها رضي *الله عنها وأرضاها
فكانت تلك الخضره وتلك العلامة من أثر تلك الضربة وتلك الضربه بسبب تلك الرؤيا
فيا عجباً صدقت الرؤيا وكانت الرائية في ذك العهد على دين اليهودية , والأعجب صدق تعبير الرؤيا من ذلك اليهودي كنانة .

وقد تناقلت كتب الأخبار والأحداث والسير والتاريخ *قصة رؤيا عاتكة بنت عبدالمطلب قبل بدر
حيث رأت رُؤْيَا أفزعتها. فبعثت إلى أخيها العباس ابن عَبْدِ الْمُطّلِبِ فَقَالَتْ لَهُ: يَا أَخِي، وَاَللهِ لَقَدْ رَأَيْت اللّيْلَةَ رُؤْيَا أَفْظَعَتْنِي، وَتَخَوّفْتُ أَنْ يَدْخُلَ عَلَى قَوْمِك مِنْهَا شَرّ وَمُصِيبَةٌ، فَاكْتُمْ عَنّي مَا أُحَدّثُك بِهِ؛ فَقَالَ لَهَا: وَمَا رَأَيْتِ؟ قَالَتْ: رَأَيْتُ رَاكِبًا أَقْبَلَ عَلَى بَعِيرٍ لَهُ، حَتّى وَقَفَ بِالْأَبْطَحِ، ثُمّ صَرَخَ بِأَعْلَى صوته: ألا انفروا يا آل غدر لِمَصَارِعِكُمْ فِي ثَلَاثٍ، فَأَرَى النّاسَ اجْتَمَعُوا إلَيْهِ: ثم دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَالنّاسُ يَتْبَعُونَهُ، فَبَيْنَمَا هُمْ حَوْلَهُ مَثَلَ بِهِ بَعِيرُهُ عَلَى ظَهْرِ الْكَعْبَةِ، ثُمّ صرخ بمثلها: ألا انفروا يا آل غدر لِمَصَارِعِكُمْ فِي ثَلَاثٍ: ثُمّ مَثَلَ بِهِ بَعِيرُهُ عَلَى رَأْسِ أَبِي قُبَيْسٍ فَصَرَخَ بِمِثْلِهَا.
ثُمّ أَخَذَ صَخْرَةً فَأَرْسَلَهَا فَأَقْبَلَتْ تَهْوِي، حَتّى إذَا كَانَتْ بِأَسْفَلِ الْجَبَلِ ارْفَضّتْ، فَمَا بَقِيَ بَيْتٌ مِنْ بُيُوتِ مَكّةَ، وَلَا دَارٌ إلّا دَخَلَتْهَا مِنْهَا فَلِقَةٌ؛ قَالَ الْعَبّاسُ:
وَاَللهِ إنّ هَذِهِ لرؤيا، وأنت فاكتميها، ولا تذكريها لأحد
وقد صدقت الرؤيا وانهزم القوم وساقهم الله إلى مصارعهم .
ومن خلال ماتقدم يتبين لنا صدق رؤيا غير المسلمين في بعض المواطن *, ويتبين كذلك صدق الرؤيا التي رؤيت في غير المسلين ويتبين كذلك *أن الله قد يجري الفراسة في غير المسلم فيقع تعبيره صادقا صحيحا *.
ولكن الأمر المهم الذي لا شك فيه أن رؤيا المؤمن أصدق من غيره وإن صدقت رؤيا الآخرين .
بقلم :
جميل بن ابراهيم الحواس
المشرف العام على مركز تعبير الرؤى
عضو الجمعية الفقهية السعودية
.